ظلمات البحار العميقة The Darkness of the deep seas

الطرح العلمي للموضوع 

لقد أوضحت الدراسات الحديثة

اشتداد الظلام في البحر العميق مع ازدياد عمق البحر حتى يسيطر الظلام الدامس الذي يبدأ من عمق (200متر) تقريباً، ويبدأ عند هذا العمق المنحدر الحراري الذي يفصل بين المياه السطحية الدافئة ومياه الأعماق الباردة، كما توجد فيه الأمواج الداخلية التي تغطي المياه الباردة في أعماق البحر، وتشتد الظلمة أكثر وأكثر في الأعماق السحيقة على عمق 1000متر تقريباً، ولكل عمق من هذه الأعماق كائنات بحرية محددة تعيش فيه، ونجد أن  فى الأعماق المظلمة توجد أسماك وكائنات زودها الله بأعضاء مضيئة لترى في الظلام وتلتقط فريستها.

كما أوضحت الاكتشافات العلمية الحديثة

 أن الأمواج الداخلية تغطي البحر العميق وتمثل حداً فاصلاً بين البحر العميق والبحر السطحي، كما يغطي الموج السطحي سطح البحر ويمثل حداً فاصلاً بين الماء والهواء ولم تكتشف الأمواج الداخلية إلا في عام 1904م، وهذه الأمواج الداخلية الموجودة بالبحار العميقة، تسير بسرعات بطيئة تقدر بحوالى 2.40 كم/ساعة، ولكن بارتفاعات كبيرة جدا فى المياه العميقة تصل الى حوالى 305م، وكمثال على ذلك الأمواج العميقة فى بحر "تاسمان" Tasman Sea

بعد عام 1958م

 أي بعد ثلاثة قرون من البحوث والدراسات العلمية وعلى أيدي أجيال متعاقبة من علماء البحار توصل الإنسان إلى حقائق مدهشة منها

       ينقسم البحر إلى ٣ أقسام كبيرة

١-البحر السطحي الذي تتخلله طاقة الشمس وأشعتها . 

٢- البحر العميق الذي تتلاشى فيه طاقة الشمس وأشعتها.

٣-الأمواج البحرية الداخلية Internal wave

تغطي الأمواج الداخلية البحر العميق وتمثل حداً فاصلاً بين البحر العميق والبحر السطحي . كما يغطي الموج السطحي سطح البحر ويمثل حداً فاصلاً بين الماء والهواء ولم تكتشف الأمواج الداخلية إلا في عام 1904م 

 

أما فيما يتعلق بانتشار الظلمات في أعماق البحار يقاس بــ (قرص سيتشى)

فقد أدرك صيادي الأسماك أن الضوء يمتص حتى في المياه الصافية وأن قاع البحر المنحدر ذا الرمال البيضاء يتغير لونه بصورة تدريجية حتى يختفي تماماً مع تزايد العمق وأن نفاذ الضوء يتناسب عكسياً مع ازدياد العمق، وأبسط جهاز علمي لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو قرص سيتشى The Secchi Disk   ولكن على الرغم من كونه وسيلة سهلة لقياس اختراق الضوء للماء بدرجة تقريبية وعلى الرغم من استعماله على نطاق واسع فإن قياس الظلمات في ماء البحر بصورة دقيقة لم يتحقق إلا بعد استخدام الوسائل التصويرية في نهاية القرن الماضي

ثم بتطوير وسائل قياس شدة الضوء التي استخدمت الخلايا الكهروضوئية خلال الثلاثينيات

 وبعد اختراع الإنسان أجهزة مكنته من الغوص إلى هذه الأعماق البعيدة وفي الهامش معلومات عن شدة الضوء عند أعماق مختلفة من المحيط، أما البحار العميقة فالضياء منعدم فيها، والظلمات متراكمة، وتعتمد الكائنات الحية والأسماك التي تعيش فيها على الطاقة الكيميائية لتوليد الضوء الذي تستشعر به طريقها، وهناك أنواع منها عمياء تستخدم وسائل أخرى غير الرؤية لتلمس ما حولها. وتبدأ هذه الظلمات على عمق 200متر تقريباً وتختفي جميع أشعة الضوء على عمق 1000متر تقريباً حيث ينعدم الضوء تماماً، كما أن أغلب تركيب الأسماك في الأعماق يتكون من الماء لمواجهة الضغوط الهائلة.

 إن الظلام الدامس الذي يشتد من خمسمائة متر إلى ألف متر يتكون في أعماق البحار نتيجة لظلمات بعضها فوق بعض، وتنشأ لسببين رئيسين

１- ظلمات الأعماق (اختفاء آخر شعاع شمس)

يتكون شعاع الشمس من سبعة ألوان (الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، النيلي، البنفسجي، الأزرق) ولكل لون طول موجي خاص به وتتوقف قدرة اختراق الشعاع الضوئي للماء على طول موجته فكلما قصر طول الموجة زادت قدرة اختراق الشعاع للماء، لذلك فإن شعاع اللون الأحمر يمتص على عمق 20متراً تقريباً ويختفي وجوده بعد ذلك، وينشأ عن ذلك ظلمة اللون الأحمر، فلو جرح غواص على عمق 25متراً تقريباً وأراد أن يرى الدم النازف فسيراه بلون أسود، بسبب انعدام شعاع اللون الأحمر ويمتص الشعاع البرتقالي على عمق ثلاثين متراً تقريباً فتنشأ ظلمة أخرى تحت ظلمة اللون الأحمر هي ظلمة اللون البرتقالي، وعلى عمق 50متراً تقريباً يمتص اللون الأصفر، وعلى عمق 100متر تقريباً يمتص اللون الأخضر، وعلى عمق 125متر تقريباً يمتص اللون البنفسجي والنيلي، وآخر الألوان امتصاصاً هو اللون الأزرق على بعد 200متر تقريباً من سطح البحر. وهكذا تتكون ظلمات الألوان لشعاع الشمس بعضها فوق بعض، بسبب عمق الماء الذي تمتص فيه الألوان بأعماق مختلفة.

2- ظلمات الحوائل

وتشترك ظلمات الحوائل مع ظلمات الأعماق في تكوين الظلمات الدامسة في البحار العميقة، وتتمثل ظلمات الحوائل فيما يأتي

·       ظلمة السحب

غالباً ما تغطي السحب أسطح البحار العميقة نتيجة تبخبر الماء، وتمثل حائلاً نسبياً لأشعة الشمس، فتحدث الظلمة الأولى للحوائل والتي نراها ظلالاً لتلك السحب على سطح الأرض والبحار.

 

·       ظلمة الأمواج السطحية 

تمثل الأسطح المائلة للأمواج السطحية في البحار سطحاً عاكساً لأشعة الشمس، ويشاهد المراقب على الساحل مقدار لمعان الأشعة التي عكستها هذه الأسطح المائلة للأمواج السطحية.

 

·       ظلمة الأمواج الداخلية

توجد أمواج داخلية تغشى البحر العميق وتغطيه، وتبدأ من عمق 70متر إلى 240متر، وتعلق ملايين الملايين من الكائنات الهائمة في البحار على أسطح الموجات الداخلية، وقد تمتد الموجة الداخلية إلى سطح البحر فتبدو تلك الكائنات الهائمة كأوساخ متجمعة على سطح البحر، مما يجعلها تمثل مع ميل الموج الداخلي حائلاً لنفاذ الأشعة إلى البحر العميق فتنشأ بذلك الظلمة الثالثة تحت ظلمتي السحب والموج السطحي.

الطرح الديني للموضوع 

 

قال تعالي

﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾[سورة النور]

أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج، من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات، فالكفار تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال. ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه وسنة نبيه يهتدي به فما له مِن هاد

 أثبت القرآن وجود ظلمات في البحر العميق

 وقيد وصف البحر بلفظ (لجى) ليعلم قارئ القرآن أن هذه الظلمات لا تكون إلا في بحر لجي أي ( عميق)،﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ ويخرج بهذا القيد البحر السطحي الذي لا توجد فيه هذه الظلمات، وقد بين أهل اللغة والتفسير معنى لفظ (لجي) : أي ( العميق ) ودراسة هذه الظواهر، وبعد أن استغرق البحث فترة طويلة امتدت لثلاثة قرون من الزمن، واحتشد لها مئات الباحثين والدارسين حتى تمكنوا من معرفة تلك الحقائق. فمن أخبر النبي محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الأسرار في أعماق البحار في وقتٍ كانت وسائل البحث العلمي فيه معدومة، والخرافة والأسطورة هي الغالبة على سكان الأرض في ذلك الزمان، وبخاصة في مجال البحار ؟

The Scientific Approach to the Subject

Recent studies have shown that darkness in the deep sea increases with increasing depth, until total darkness prevails, beginning at a depth of approximately 200 meters. At this depth, the thermal gradient begins, separating the warm surface waters from the cold waters of the deep sea. Internal waves also exist, covering the cold waters of the deep sea. Darkness becomes increasingly intense at a depth of approximately 1,000 meters. Each of these depths has specific marine organisms living there. In the dark depths, we find fish and other creatures endowed with luminous organs to see in the dark and catch their prey.

Modern scientific discoveries have shown that internal waves cover the deep sea and represent a boundary between the deep sea and the surface sea. Surface waves cover the sea surface and represent a boundary between the water and the air. Internal waves were not discovered until 1904. These internal waves found in the deep sea travel at slow speeds, estimated at about 2.40 km/h, but reach very high heights in deep waters, reaching about 305 m. An example of this is the deep waves in the Tasman Sea.

After 1958,

 after three centuries of scientific research and studies by successive generations of oceanographers, humanity discovered astonishing facts, including

The sea is divided into three major sections

1. The surface sea, which is permeated by the sun's energy and rays.

2. The deep sea, where the sun's energy and rays are dissipated.

3. Internal waves

Internal waves cover the deep sea and represent a dividing line between the deep sea and the surface sea. Surface waves cover the sea's surface and represent a dividing line between the water and the air. Internal waves were not discovered until 1904.

As for the prevalence of darkness in the depths of the sea, it is measured by the Secchi disk. Fishermen realized that light is absorbed even in clear waters, and that the sloping seabed with its white sands gradually changes color until it disappears completely with increasing depth. Light penetration is inversely proportional to increasing depth. The simplest scientific device for measuring the depth of light penetration in ocean waters is the Secchi disk. However, despite its easy method of measuring light penetration into the water to an approximate degree and its widespread use, accurate measurement of darkness in seawater was not achieved until the introduction of photographic methods at the end of the last century.

Then, during the 1930s, light intensity measurement methods were developed, using photovoltaic cells. After humans invented devices that enabled them to dive to these remote depths, there is information on light intensity at different ocean depths. In the margin, there is information on light intensity at different depths in the ocean. In the deep sea, light is absent, and darkness accumulates. Living organisms and fish living there rely on chemical energy to generate the light by which they sense their way. Some species are blind and use methods other than vision to sense their surroundings. This darkness begins at a depth of approximately 200 meters, and all light rays disappear at a depth of approximately 1,000 meters, where light is completely absent. Furthermore, the majority of fish in the deep sea are composed of water to cope with the enormous pressures.

The pitch-black darkness, which intensifies from 500 to 1,000 meters deep, occurs in the deep sea as a result of layers of darkness layered over layers. It arises for two main reasons.

1- Darkness of the Depths (Disappearance of the Last Ray of Sunlight)

The sun's rays consist of seven colors (red, orange, yellow, green, indigo, violet, and blue). Each color has its own wavelength. The ability of a light ray to penetrate water depends on its wavelength. The shorter the wavelength, the greater the ray's ability to penetrate water. Therefore, the red ray is absorbed at a depth of approximately 20 meters and then disappears, creating the red darkness. If a diver were injured at a depth of approximately 25 meters and wanted to see the bleeding, he would see it as black due to the absence of the red ray. The orange ray is absorbed at a depth of approximately 30 meters, creating another darkness beneath the red darkness: the orange darkness. At a depth of approximately 50 meters, yellow is absorbed, at a depth of approximately 100 meters, green is absorbed, and at a depth of approximately 125 meters, violet and indigo are absorbed. The last color to be absorbed is blue at a depth of approximately 200 meters from the sea surface. Thus, the color darkness of the sun's rays forms one upon the other, due to the depth of the water, where colors are absorbed at different depths.

2- The Barrier of Darkness

Barrier darkness shares with the darkness of the depths that it forms the deep darkness of the deep sea. Barrier darkness is represented by:

3- The Cloud Darkness

Clouds often cover the surfaces of deep seas due to evaporation of water, and they represent a relative barrier to the sun's rays. This creates the first barrier darkness, which we see as the shadows of these clouds on the surface of the land and sea.

4- The Surface Wave Darkness

The sloping surfaces of surface waves in the oceans represent a reflective surface for the sun's rays. An observer on the coast can see the brightness of the rays reflected by these sloping surfaces of surface waves.

5- The Darkness of Internal Waves

There are internal waves that cover the deep sea, ranging from depths of 70 meters to 240 meters. Millions of ocean-dwelling organisms are suspended on the surfaces of internal waves. The internal wave may extend to the sea surface, making these organisms appear as dirt gathered on the sea surface. This, coupled with the inclination of the internal wave, creates a barrier to the penetration of light into the deep sea, creating a third darkness beneath the darkness of the clouds and the surface waves.

The Religious Approach to the Subject

God Almighty said

﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾[سورة النور]

“Or [they are] like darknesses within a deep sea covered by waves, topped by waves, topped by clouds. Darknesses, one upon another. When he puts out his hand, he can scarcely see it. And he for whom Allah does not give light, he will have no light.” [Surat An-Nur]

Or their deeds will be like darknesses within a deep sea, topped by waves, topped by waves, and above them by dense clouds. Intense darknesses, one upon another. When the observer puts out his hand, he cannot see it due to the intensity of the darkness. Thus, the disbelievers are burdened with the darkness of polytheism, misguidance, and corruption of their deeds. Whoever God does not give him light from His Book and the Sunnah of His Prophet to guide him, then he has no guide.

The Qur'an has established the existence of darkness in the deep sea

The description of the sea is restricted to the word "lujja" (deep) so that the reader of the Qur'an understands that this darkness only exists in a deep sea. "Or like darkness in a deep sea," this restriction excludes the surface sea, where these darknesses do not exist. Linguists and commentators have explained the meaning of the word "lujja" (deep) and studied these phenomena. After a long period of research spanning three centuries, hundreds of researchers and scholars have gathered to uncover these facts, who informed the Prophet Muhammad (peace and blessings be upon him and his family) of these secrets in the depths of the seas at a time when scientific research methods were nonexistent and myth and legend were prevalent among the inhabitants of the Earth at that time, especially in the field of oceans?